الأردن و المنطقة الآمنة للخليج في سوريا…

الأردن و المنطقة الآمنة للخليج في سوريا…
وكالات-أخبار-محمد زاهد كول-تركيا:
من المعلوم أن الحكومة التركية كانت من اوائل من دعا لإقامة مناطق آمنة داخل سوريا بهدف حماية الشعب السوري من قمع النظام وتسببه لتشريدهم، وكان ذلك قبل نشوء تهديدات إرهابية ضد تركيا سواء من داعش أو من حزب العمال الكردستاني وتوابعه المليشياوية من حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية وغيرها، فقد كانت أفواج اللاجئين السوريين إلى تركيا والاردن ولبنان كبيرة ومتسارعة وتسبب معاناة لهذه الدول، لأن توفير بيئة آمنة على حدود تلك الدول او داخلها في مخيمات اللجوء ليس أمرا سهلاً، سواء في الكلفة المالية أو الاجتماعية وغيرها، ولكن أمريكا بإدارة أوباما كانت ترفض هذه الفكرة، بحجة كلفتها المالية والعسكرية، وفي رأي البعض أن الأسباب الحقيقية أن تمنح إدارة أوباما بشار الأسد حرية الحركة في قمع الثورة دون ممانعة دولية، وأن ذلك توافق مع اتفاق أمريكا مع ايران وحرسها الثوري حول الملف النووي الإيراني، بدليل انها منعت تسليح الثورة السورية بأسلحة نوعية تهدد طيران الأسد، وفي الاحتمال الأخير وجود رغبة امريكية بتوريط روسيا عسكريا في سورياً، والمساهمة في توسيع الأزمة السورية على الدول المجاورة والمنطقة.
ومع مجيء إدارة ترامب تغير الأمر مع إيران وإن لم يتغير مع روسيا، وكأن التوافق الأمريكي مع إيران قد انتهى، وأن السياسة الأمريكية لم تعد ملتزمة بشيء حول سوريا مع إيران، وان أمريكا تريد التفاهم مع روسيا لإخراج إيران من سوريا أولاً، ثم التفاهم مع روسيا على طبيعة تواجدها العسكري في سوريا بما لا يتجاوز القدرات السابقة، ولذا فإن أمريكا ستسعى للتفاهم مع روسيا حول المنطقة الامنة وحظر الطيران فيها، كما أنها سوف تتفاهم مع تركيا والأردن ودول الخليج، ولذا فإن ردود الفعل الروسية ليست عدائية ضد ترامب والمناطق الآمنة.
لقد كان رد فعل الحكومة الروسية على إعلان ترمب الأولي استنكارها أن لا يؤخذ رأيها أولاً، ثم عادت بعد يومين لتقول على لسان وزير خارجيتها لابروف:” إن روسيا لا تمانع إقامة منطقة آمنة ولكن بشرطين أحدهما موافقة الحكومة السورية ـ الأسدية ـ، وثانيهما موافقة الأمم المتحدة”، وحيث أن روسيا لا تجرؤ على استخدام حق النقض الفيتو في وجه الرئيس الأمريكي ترمب، فإن روسيا أحالت الأمر على حكومة بشار التي لا تملك من امرها شيئاً، وهذا موقف روسي ضعيف ويعبر عن حذر روسي شديد في التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
هذه الخطوة الأمريكية بإقامة مناطق آمنة في سوريا، وما يتبعها من إقامة مناطق حظر طيران جوي، وملاذات آمنة للسوريين على أراضيهم وحمايتهم من القتل والموت، سيكون فيه مكاسب للشعب السوري لحمايته من القتل أولاً، وسيكون فيه مكاسب أخرى لحماية الامن القومي التركي وحماية الامن القومي العربي، وبالأخص على الحدود الاردنية وشمال الجزيرة العربية، في وقت يخشى فيه أن تتحرك قوات تنظيم داعش المطرود من العراق وسوريا نحوها، فهو الآن يحتشد في تدمر ودير الزور وفي الصحراء العراقية شمال السعودية وفي صحراء الشام شمال الاردن والسعودية، والخشية أن تتحرك هذه القوات داخل الحدود الأردنية أو السعودية، ودور المناطق الآمنة وحظر الطيران فيها يمكن أن يمنع توسيع الأزمة في الأردن والسعودية أيضاً.
لقد جاء في مسودة الأمر التنفيذي الأمريكي: «توجه وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الدفاع في غضون تسعين يوما من تاريخ هذا الأمر بوضع خطة لتوفير مناطق آمنة في سوريا، وفي المنطقة المحيطة يمكن فيها للمواطنين السوريين الذين نزحوا من وطنهم انتظار توطين دائم مثل إعادتهم لبلادهم أو إعادة توطينهم في بلد ثالث»، وفي قرار آخر وضع خطة عسكرية امريكية للقضاء على داعش خلال أشهر أيضاً، وقرارات أخرى لوضع حد للأطماع الإيرانية في المنطقة، فالقرارات الأمريكية تتحدث عن توفير مناطق آمنة في سوريا وفي المنطقة المحيطة، دون أن يتحدث عن منطقة آمنة محددة أو على حدود معينة، وإنما مناطق آمنة تحمي السوريين، وهذا يشمل سوريا ومحيطها الجغرافي، أي أن خطة المناطق الامنة ستكون خطة شاملة للتعامل مع هذه القضايا مجتمعة، ولا شك أن ذلك سيضع حداً للأطماع الإيرانية في سوريا، وأن الدول المجاورة لسوريا وبالأخص تركيا والأردن ومعها دول الخليج سوف تؤدي واجبات أمنية نحوها، ولكنها سوف تخفف عنها شيئا من معاناة إيواء ملايين ومئات ألوف اللاجئين في دولها، وما سببه لها من مشاكل داخلية اجتماعية واقتصادية.