تنظيم داعش يركز على تعزيز سيطرته على مثلث من الأراضي السورية ويربط بين مقره الرئيسي- مدينة الرقة- وتدمر إلى الجنوب الغربي ودير الزور إلى الجنوب الشرقي.
يحارب تنظيم داعش بكل ما لديه من قوة لتعزيز وجوده في سوريا في الوقت الذي يفقد فيه أراضي في العراق حيث يرسل مقاتلين للسيطرة الكاملة على مدينة دير الزور من النظام في شرق سوريا بينما يقاتل في الوقت نفسه أعداءه على ثلاث جبهات أخرى.
ويظهر الوضع أن تنظيم داعش لا يزال قويا حتى بعد خسارته مجموعة من المدن العراقية ونصف مدينة الموصل كما يدل على التحديات التي تواجه الحرب التي وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشنها ضد التنظيم.
وقد شن مقاتلوا داعش هجومهم الأشد ضراوة حتى الآن للاستيلاء على آخر منطقة تسيطر عليها ميليشيا الأسد في محافظة دير الزور بشرق البلاد وهي جيب في مدينة دير الزور يحيط به بحر من هيمنة التنظيم.
وأثار هذا الهجوم مخاوف على مصير عشرات الآلاف الذين يعيشون تحت سلطة النظام في المدينة ومعظمهم من السنة العرب. وقد تم قطع طريق الإمداد الوحيد بعدما قطع داعش الطريق إلى قاعدة جوية قريبة في وقت سابق هذا الأسبوع.
وقال قائد عسكري في تحالف الميليشيا التي تقاتل دعما لبشار الأسد إن داعش يسعى إلى تحويل مدينة دير الزور إلى قاعدة للعمليات.
وأضاف القائد وهو غير سوري و فضل عدم الكشف عن هويته لأنه ليس الناطق الرسمي باسم التحالف الذين يضم مجموعة من الفصائل الشيعية المسلحة المدعومة من إيران و ميليشيا حزب الله اللبنانية و سلاح الجو الروسي “إنهم يرغبون في الحصول عليها بالقوة .. و الآن.” و أضاف “الوضع في مدينة دير الزور صعب للغاية”.
و يبدو أن تنظيم داعش يركز على تعزيز سيطرته على مثلث من الأراضي السورية يربط بين مقره الرئيسي- مدينة الرقة- و تدمر إلى الجنوب الغربي و دير الزور إلى الجنوب الشرقي.
و انتزع التنظيم السيطرة على تدمر من ميليشيا الأسد في ديسمبر و هي ثاني مرة يسيطر فيها التنظيم المتشدد على الموقع المدرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة (يونسكو) خلال الحرب السورية المستمرة منذ ستة أعوام.
و يبدي مقاتلو داعش مقاومة شرسة في حملتين منفصلتين في شمال سوريا واحدة تقوم بها ميليشيات مدعومة من قبل الولايات المتحدة بما في ذلك الجماعات الكردية و ثانية من قبل فصائل سورية مدعومة من تركيا.
و يقول رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان “هم قادرون على المحاربة على أربع جبهات. إذا كانوا في حالة ضعف شديد لن يستطيعوا القيام بذلك”.
وقال قيادي بارز في التحالف الداعم للأسد و هو أيضا غير سوري “قوة داعش تكمن في أنها قطعة سرطانية متحركة أينما تستأصلها تذهب إلى بقعة أخرى”.
و حث القائد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة “وكل سلاح الجو” على مهاجمة هذه القوة و عدم ترك قوافلهم تتحرك في منطقة دير الزور. و قد يكون ذلك علامة واضحة على عدم الرضا عن المستوى الحالي من الدعم الجوي من القوات الجوية الروسية هناك.
على الرغم من أن التنظيم واجه بعض الضغوط العسكرية في محافظة دير الزور بما في ذلك غارات شنتها القوات الأميركية الخاصة فإن الهجمات ضده هناك كانت أقل شدة منها في مناطق أخرى من الخلافة التي أعلنها التنظيم.
و تشكل منطقة دير الزور حتى الآن أولوية ثانية للجيش السوري وحلفائه بما فيهم سلاح الجو الروسي حيث يتمثل همهم الأكبر في معركتهم ضد قوات المعارضة المسلحة في غرب سوريا.
وفي الوقت نفسه فإن الحملة المدعومة من الولايات المتحدة من قبل الجماعات الكردية السورية تركز على تطويق مدينة الرقة والاستيلاء عليها.
و يشدد تنظيم داعش قبضته في سوريا عن طريق عمليات وحشية و هذا الأسبوع قتل مدنيين على غرار عمليات الإعدام في المسرح الروماني في تدمر كما أفاد المرصد السوري.
و أظهرت صور بالقمر الصناعي أن التترابليون دمر إلى حد كبير و أن أربعة أعمدة فقط من 16 عامودا لا تزال قائمة بينما غطيت المنصة الصخرية بالأنقاض.
كما أظهرت الصور أيضا أضرارا فادحة بالمسرح الروماني و تدمير العديد من الهياكل الحجرية.
و يقاتل الجيش السوري وحلفاؤه حاليا تنظيم داعش في مناطق بمحافظة حمص إلى الغرب من مدينة تدمر. لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على جهود كبيرة لاستعادة السيطرة على المدينة.
و في حال تنفيذ ترامب ما لمح إليه عن إمكانية التعاون مع روسيا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية فإن منطقة شرق سوريا قد تشكل هدفا واضحا. لكن ذلك سيمثل تحولا كبيرا في سياسة الولايات المتحدة لأنه من شأنه أن يساعد الأسد.
و بنيت سياسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما على فكرة أن الأسد فقد شرعيته. و رفض أوباما أي تعاون مع الأسد في الحرب ضد التنظيم واصفا حكمه بأنه جزء من المشكلة.
و قال مسؤول سوري إن التحالف بقيادة الولايات المتحدة لا يفعل شيئا لمنع التنظيم من التحرك أو نقل قواته إلى سوريا “و هذا ما يساعد داعش” حسبما ذكر المسؤول.
و أضاف المسؤول “بعد خسارة الموصل فإن داعش سيفكر في تعزيز قدراته في الرقة و دير الزور لأنه في نهاية المطاف ليس لديهم ملاذ آخر غير هذا المكان. و في نهاية المطاف المعركة الأخيرة سوف تكون هناك بالتأكيد”.