أرشيف صدام يطيح ببشار ويوقظ مقتدى الصدر وأرشيف السادات يُخجل الجميع
أرشيف صدام يطيح ببشار و يوقظ مقتدى الصدر…. و أرشيف السادات يُخجل الجميع..!!!
صحافة. مقالات. القدس العربي:
لينا أبو بكر:
كان يا ماكان، في راهن العصر والأوان، مدينة فضائية للتجهيل فقط، تعاني من سقوط مستمر لمواطنيها في حفرة انهدام، وخسارة فادحة بالأرواح، ما حدا بمخاتير هذه المجرة إلى عقد اجتماع وطني طارئ، يضم نخبة النخبة للتقدم بحلول مقترحة، أولها: أن يحرس الحفرة رجال فضائيون أشداء، يعتمد عليهم بانتشال الضحايا والتوجه بهم إلى مركز الإسعاف، بينما طالب صاحب الاقتراح الثاني بتوفير صحن فضائي لنقل الضحايا بسرعة أكبر، لكن الثالث، بدا أكثر إقناعا للمخاتير الفضائيين، وهو يتنافخ مزهوا بغلبة ذكائه، إذ وفر على خزينة المجرة مصاريف الصحن والحراسة، عداك عن الوقت والجهد المبذول للإنقاذ، موصيا بطمر الحفرة، وحفر أخرى بدلا منها على باب المركز الطبي مباشرة! وهذه هي حالنا، نحن العرب، إن لم نجد ما نختلف عليه، نخترعه، حتى وصلت بنا الحماقة إلى الاختلاف على ما نتفق به، فإما أن «ندق بخناق بعضنا» أو أن نضربها طناش على طريقة السادات.
ترى هل فات الأوان على إيقاظ الوعي العربي من غيبوبته، بعد خراب مالطا، وبعد أن برد الدم السوري في ثلاجة المقاومة الإيرانية، التي تجيء متأخرة عن موعد القيامة؟
ما الذي أصاب العروبة لتسعى وراء الشعارات الكاذبة، التي لن ينوبك منها سوى ما ينوب لقيط الليل، مِنَ التي تلهيه وترزيه، وتضع مصائبها فيه»؟ ثم هل نجح الغزاة فعلا بتجريدك من همتك والاكتفاء يتصفيقك.
مثلث الهلاك الإعلامي
يسأل داود الشريان، فهد النفيسي في برنامج «الثامنة» عن مصير إيران وحزب الله في سوريا، لو سقط نظام الأسد؟ فيكشف النفيسي عن خارطة الطريق الإيرانية التي تنفذ خطة خمسينية بدأت أولى مراحلها مع أحداث البحرين، وركيزتها الأساسية هي نظرية «أم القرى»، التي يسعى الإيرانيون إلى تحوير دلالتها الدينية، وموقعها الجغرافي، لتستقر مع الزمن في مدينة «قُم»، وباعتراف المفكر (جواد لارجاني) بالحصول على بركة المرشد الأعلى للمضي قدما في هذا السعي، فإن لم يَرُقْ لك أن تصدق العربية وأخواتها، ولا الأحاديث الشريفة، التي تتنبأ بأعور الدجال من خراسان، وتحذر من علامات القيامة التي تحل بظهور يهود أصفهان، فصدق بوتن إذن، الذي يقتسم خارطة الطريق بين أقطاب مثلث برمودا في سوريا: روسيا وتركيا والصهاينة، ويسعى للتخلص من إيران، الأم غير الشرعية لنظام الأسد، فهل ستجرؤ على التفكير بمصير الشام بعد الأستانة كما فعلت قبلها؟ أم أنك ستحتاج إلى حقنة تخدير للوعي لتتجنب السؤال الأخطر: إلى أي الأطراف سينحاز ابن حافظ؟
أمانات مغدورة
كشف طوني عبده، رئيس المخابرات اللبنانية الأسبق، في حواره مع محمد منصور لبرنامج «شاهد على العصر»، عن تكتيك سوري موروث لآل الأسد، فضح فيه تواطؤ حافظ مع القذافي لتسليم وقتل مقتدى الصدر، الذي كان مقاوما مدللا في أحضان البعث، فإن كنت تتذكر الشهيدين عماد مغنية وسمير القنطار، وما أحاط تصفيتهما من غموض في سوريا، فلن تضطر لإيقاظ الموتى كي يشاركوا منصور شهادتهم على العصور!
أرشيف صدام يحاكم وعيكم
ذاكرتنا لم تخنا، بل نحن الخائنون، وإلا كنا لنجرؤ على سؤال أنفسنا: ترى لو تكرر مشهد الحرب العراقية – الإيرانية في عهد بشارالأسد، هل كان سيقف مع صدام ضد إيران؟ لو عدت إلى خطاب صدام قبل مؤتمر القمة العربي، إبان تلك الحرب، لأحسست بالخجل من شاربي سلفادور دالي، الذي مطمطهما حتى تدليا خارج اللوحة، ولم يبق لك ولو خصلة ترتق بها فمك المنتوف، إذ يفضح الشهيد عمالة آل الأسد للإيرانيين، ومحاربتهم للقومية العربية، ووقوفهم في صف الأعداء ضد مصالح الأمة وشرفها، ويفتح ملف دخول القوات العراقية لجبهة المواجهة في حرب تشرين/ أكتوبر، تحت وابل من القصف دون غطاء جوي ليحرر الجولان قائلا: «دخلناها بكل بسالة وكانوا في دمشق يحزمون أمتعتهم للفرار، وموشي ديان يتصبب رعبا، لكنهم خانونا، حين وصلت لهم أوامر بوقف إطلاق النار، ليطلبوا منا الرحيل». ثم يسائل العرب: «تعرفون من ساعد إيران ضد العراق، وفتح مجالها البري والجوي للسلاح الإيراني لقصف أهداف محددة؟ تعرفون من الذي فجر السفارة العراقية في بيروت؟ ومن خاض حرب الاغتيالات؟ وحشد جيشه على الحدود الإيرانية – العراقية؟»، ثم دعا إلى كشف الحقائق، واعتبر فضح الخونة من أنبل وأهم الواجبات الوطنية، مستهجنا على حافظ عدم حشد جيشه لتحرير الجولان وفلسطين، وجرجرته وراء إيران ضد أبناء أمته وعروبته! فهل بعد هذا نتساءل عن رفض البعض زج صدام في هذا التأمل التاريخي، لإنقاذ الوعي العربي؟ أم أنه علينا أن نترحم على الضمير ما دام الهدف تعطيل الوعي لا خضخضته!
عد إلى أرشيف أنور السادات، حيث كشف عن صفقات السلاح بين الاسرائيليين والإيرانيين، مستهزئا من اعتماد إيران على الدعم الغذائي من دولة الاحتلال الاسرائيلي، كأني به يهتف من مثواه الأخير: «دي اسرائيل اللي بتوكلهم الكباب والجرجير»، فهل تعاقب الأرانب؟ أم تحاكم الثعالب؟ أم تحترم الحمير!
استهجن السادات موقف إيران العدائي بسبب معاهدة السلام مع الصهاينة، في حين أنهم «زملاء موائد»، ولم يتوان عن الدفاع عن حمقه بما يخجل حمقنا في هذا الظرف الأعمى، وربما كان علينا أن نتمسك ببلاهته، ليس إكراما للميت، بل لننقذ ما تبقى من غفلتنا كرمى للحياء لا للكبرياء!
بين خديعتين: الثورة والمقاومة
خُذْ هذه، هل تعلم أن الإيرانيين وعملاءهم، يعتبرون العمليات الاستشهادية في فلسطين، إرهابا داعشيا؟ حسنا إذن، كيف ستتعامل مع ظرفك الداعشي، وليس أمامك سوى أحد هذه الخيارات: إما أن تدين شهداءك لتبرئهم من «داعش»، وإما أن تتخلى عن نضالك في سبيل بلادك وعروبتك لتناضل في سبيل المقاومة الإيرانية، وإما أن تتخلى عن إيران وأحزابها فتحسب على «داعش»؟ لماذا يضعك الغزاة دائما أمام هذه الخيارات؟ كأنه ليس أمامك سواها؟ لماذا لا تختار تاريخك، وذاكرتك، وخدائعهم؟ لست مضطرا لأن تكون إيرانيا كي تحارب الإرهاب والصهاينة، يكفي أن تكون عربيا فلسطينيا، يرفض الثورات، لأنها أرتك أنها خديعة استعمارية، دمرت الأمة بيد ضحاياها، وأحلامهم البريئة بالحرية والعدالة، فلم لا ترى في المقاومة الإيرانية الوجه الآخر لخديعة الربيع العربي الأسود؟ فمن حاربك بثورتك، ليس أخطر ممن يحاربك الآن بمقاومتك وهو يخطفها منك تماما على طريقة لصوص الثورات! أليس من العار أن تختصر الأمة بشخصين هما سليماني وابن حافظ؟ هل حقا حافظ ابن أبيه على الشام؟ أم أن النصر الروسي كشف الغياب التام لدور الأسد في حماية الشام، وفضح حجم قدراته الذهنية والتكتيكية والأخلاقية، وانعدام مقومات الثقة في شخصيته كقائد عسكري وسياسي، يستطيع التحكم بالأمور، وفض الإملاءات، والتفريق جيدا بين الوكيل والحليف، بالتالي عدم أهليته لتولي أمانة الدفاع عن الأمة وفلسطين!
الإيرانيون يتوجهون للبحرين، ليختطفوها من عروبتها، بحجة مقاومة الطغيان، ويقتلون في العراق بحجة مقاومة الإرهاب، ويذبحون في لبنان وسوريا بحجة مقاومة اسرائيل، كأنهم سفراء إلهيون، فإن كان كل ما تراه منهم لم يوقظك بعد، فلن نلومك أيها العربي إنما سنهنئ أعداءك بك، إذ يكتمون أسرارهم عنك في الكتب، لأنهم يدركون جيدا أنك ابن أمة لا تقرأ! ويكتفون بإشغالك بدعاياتهم لأنهم متيقنون من هوسك بالهتاف، فهل ستصدق بعد هذا، من يخبرونك أن الحشد الشعبي يبكي على أيام صدام؟ لم تعد قيمة العبيد تقاس بقيمة أسيادهم، ويا ليتها ظلت كذلك، لكان حالنا أفضل في زمن رخيص!